خطبة الجمعة القادمة بعنوان : أيام العزة والنصر في الشهر الفضيل ، للدكتور محمد حرز
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : أيام العزة والنصر في الشهر الفضيل ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 11 رمضان 1442هـ ، الموافق 23 أبريل 2021م.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 23 ابريل 2021م بعنوان : أيام العزة والنصر في الشهر الفضيل ، للدكتور محمد حرز:
أولاً: رمضان شهر الانتصارات .
ثانيًا: انتصارات من نوع خاص
ثالثًا :أعظم انتصار (الانتصار على الشيطان )
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 23 ابريل 2021م كما يلي:
الحمد لله القائلِ في محكم التنزيل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ محمد: 7. وأشهد أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّه, وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ كما في حدي أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) متفق عليه فاللهم صل وسلم وزد وبارك على من علم الدنيا القرآن ،فكان قرآنًا يمشي على الأرض ,وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلي يوم الدين .
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى العزيز الغفار { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (سورة أل عمران :102) ثم أما بعد: (أيام العزة والنصر في الشهر الفضيل) عنوان وزارتنا وعنوان خطبتنا .
عناصر اللقاء:
أولاً: رمضان شهر الانتصارات .
ثانيًا: انتصارات من نوع خاص
ثالثًا :أعظم انتصار (الانتصار على الشيطان )
أيها السادة : بداية ما أحوجنا إلى أن يكون حديثنا عن رمضان شهر العزة والنصر شهر الكرامة والرفعة! وكيف لا؟ ورمضان لم يكن شهرًا للراحة والنوم والكسل والخموم كحالنا وممارسة العبادات فحسب ، بل كان شهرًا لتحقيق الانتصارات الكبرى والفتوحات العظيمة، التي غيرت مجرى التاريخ يا سادة .
أولاً: رمضان شهر الانتصارات .
أيها السادة : الناظر في التاريخ الإسلامي يجد عجبًا عجابًا سيجد شهرًا تحولت فيه الأمةُ من الضعف إلى القوة ,ومن الذل إلى العزة , ومن رعاة للإبل إلى زعماء وقادة للبشر , سيجد شهرًا ارتفعت فيه رايات المسلمين عالية خفاقة على مر العصور والأجيال ,سيجد شهر رمضان شهر الانْتصارات، انتصاراتٌ غيَّرت مجرى التاريخِ، انتصاراتٌ أَرْستْ دعائمَ الأمن والاستقرار فِي الأمة الإسلامية , سيجد ما مِنْ معركة من المعارك، وما من غزوة من الغزوات خاضها المسلمون في هذا الشهر المبارك، إلا ونصرهم الله على أعدائهم، ولم تأت هذه الانتصارات إلا بعد أن تمسكوا بشرع ربهم القويم، وبكتابه الحكيم، وبسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
ففي رمضان كانت غزوة بدر الكبرى بقيادة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ففي السَّابعِ عَشَرَ من رمضان للسنة الثانية من الهجرة كانت أولَ غزوة في الإسلام غزوة الفرقان التي فرقت بين الكفر والإيمان بين الحق والباطل قال ربنا: ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ….( وأنتم ماذا؟ {وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: 123]. فلقد تغير المسلمون تمامًا بعد موقعة بدر، فبعد بدر أصبحت للمسلمين دولةٌ معترف بها، أصبحت لهم شوكة قوية ومكانة رفيعة ووضع مستقر؛ انتقل المسلمون إلى مرحلة جديدة، العالم كله سمع عن هذه الدولة، المشركون رغم كثرتهم انهزموا، ، واليهود رعبوا، والمنافقون ظهروا.
وتدور الأحداث ويأتي رمضانُ في السنة الثامنة للهجرة كان الموعد مع حدث من أهم الأحداث التاريخية، إنه فتح مكة المكرمة التي أحبها النبي صلى الله عليه وسلم حبًا شديدًا بقيادة المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ فكان فتحًا مبينًا، ونصرًا عظيمًا ،وكان فتح مكة بداية سيطرة الإسلام على الجزيرة العربية بأكملها، وانتهت أكبر قوة مناوئة لانتشار الإسلام بين العرب.
ففي الشهر نفسه يا سادة بعث الرسول صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد؛ ليهدم صنم العزى، فهدمه,وفي الشهر نفسه بعث صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص ليهدم صنم سواع، فهدمه,وفي الشهر نفسه بعث صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد ليهدم صنم مناف، فهدمه…ما هذا؟ أمعقول كل هذا في شهر واحد؟ في شهر رمضان تقع كل هذه الأصنام؟ أنه شهر العزة والكرامة والنصر والفتح والقوة والغلبة للإسلام والمسلمين ..
وتدور الأحداث ففي رمضان كانت معركة القادسية بقيادة سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وفِي رمضانَ فُتِحَتْ بِلادُ الْأَنْدَلُسِ عَلَى يَدِ طَارِقِ بْنِ زِيَادٍ، وفِي رمضانَ وَقَعَتْ مَعْرَكَةُ حِطِّينَ والتي اسْتَرَدَّ فيها المسلمون بَيْتَ المقدس، وفِي رمضان انتصر السلمون بقيادة سيفِ الدينِ قُطُز على التَّتَارِ في معركة عين جالوت ، وفي رمضان فتحت الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ على يد محمد الفاتح .
وتدور الأحداث ففي العاشر من شهر رمضان المبارك سنة 1393 هـ السادس من أكتوبر سنة 1973 م رمضان كانت معركة العبور حيث عبرت قواتنا المسلحة خط بارليف ودمرت نقاط الدفاع الإسرائيلية وألحقت الهزيمة بالقوات الصهيونية في ست ساعات, وانتصر جنود الحق على المحتلين الإسرائيليين، وارتفعت رايات الحق عالية خفاقة وسجل التاريخ هذه البطولات والتضحيات لقواتنا المسلحة فضربوا بدمائهم المثل في التضحية والفداء لوطنهم .
فرمضان شهر الانتصارات, شهر عزة المسلمين, والذلة لأعداء الحق أعداء الدين. ؛ فيه انتصر المسلمون على المشركين وعلى الصليبيين وعلى التتار وعلى الفرس وعلى اليهود ولله الفضل والمنة, وهذه نعمة عظيمة مَنَّ الله عز وجل بها علينا؛ فرمضان ليس شهر كسل وخموم ونوم إنما شهر جهاد وعبادة ,شهر عمل واتقان, شهر الخير والبركات, شهر النفحات والرحمات ,شهر المغفرة والرحمات. شهر العتق من النيران .
ثانيًا: انتصارات من نوع خاص:
أيها السادة :هناك انتصارات من نوع خاص في شهر الانتصارات لا يتسع الوقت لذكرها منها على سبيل المثال لا الحصر :
الانتصار على النفس وشهواتها ولذاتها نعم انتصر الأنسان في رمضان على شهوة الطعام والجماع بالنهار , وابتعد عن الذنوب والمعاصي والآثام فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: ((يقول الله عز وجل: يدع شهوته وطعامه من أجلي)) متفق عليه , أليس نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم هو القائل كما في البخاري من حديث أبي هريرة رضى الله عنه ((مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ)). أليس نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم هو القائل كما في البخاري من حديث أبي هريرة رضى الله عنه ((الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل إني امرؤ صائم)).
فالصيام مدرسة لتهذيب التنفس وتربيتها ,ومدرسة للتربية على كل خلق طيب وجميل .
فالنفس يا سادة كما قال الإمام الشافعي: إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ,إن لم نشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية , إذا لم تشغلها بالقرآن شغلتك بالغناء , إذا لم تشغلها بذكر الله ,شغلتك بذكر الناس .النفس كالدابة إن ركبتها حملتك,,, وإن ركبتك قتلتك يا رب سلم فقف مع نفسك وحاسب نفسك الآن محاسبة الشريك الشحيح لصاحبه لتفوز في الدنيا والآخرة . واعلم أن في السماء محكمة قاضيها الإله مكتوب علي بابها :{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } [سورة الأنبياء:47] قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا أيها الناس حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنُوها قبل أن تُوزنوا !!. قال الحسن البصري :أيسر الناس حسابًا يوم القيامة : الذين كانوا يحاسبون أنفسهم في الدنيا. فحاسب نفسك الآن وقل لها : يا نفس إن العمر هو بضاعتي فإن ضاع العمر فقد ضاع رأس المال ولن أربح أبدًا .
ويحك يا نفس !! إن كنت قد تجرأت على معصية الله، وأنت تعتقدين أن الله لا يراك فما أعظم كفرك بالله !!! . ويحك يا نفس !! إن كنت قد تجرأت على معصية الله مع علمك أن الله يراك فما أشد وقاحتك وأقل حياءك من الله .ويحك يا نفس !! هل تعرفين قدر نعمة الإسلام ؟
يا نفس هل عشت بالإسلام وبذلت للإسلام؟ يا نفس هل حققت التوحيد لله جلّ وعلا ؟
يا نفس هل استعنت بالله في كل أمر؟ يا نفس هل أخلصت العبادة لله وحده؟ يا نفس هل حافظت على الصلاة ؟هل حافظت على صيام رمضان وعلى القيام؟ هل حافظت على الزكاة والحج مع قدرتك ؟ يا نفس هل حرصت على بر الوالدين؟ يا نفس هل صدقت الوعد ووفيت العهد ؟ يا نفس هل أعطيت من حرمك ووصلت من قطعك، وعفوت عن من ظلمك؟ يا نفس هل أحسنت إلى الجيران ؟ هل أحسنت إلى الناس في كل مكان ؟ هل تخلقت بأخلاق الإسلام ؟ هل حرصت على قراءة القرآن ؟ هل حرصت على قيام الليل لله جل وعلا !!ويحك يا نفس إلى متى تعصين وعلى الله تتجرئين ؟!ويحك يا نفس إن القبر بيتك ، والتراب فراشك ، والدود أنيسك ، والقيامة موعدك , والجنة أو النار موردك .ويحك يا نفس أما تنظرين إلى أهل القبور ، كانوا كثيرًا وجمعوا كثيرًا فأصبح جمعهم بورًا وبنيانهم قبورًا وأملهم غرورًا!!ويحك يا نفس أمالك إليهم نظرة ؟!أما لك فيهم عبرة !! أتظنين أنهم دعوا إلى الآخرة وأنت من المخلدين ؟!! هيهات .. هيهات .. ساء ما تتوهمين !!
ويحك يا نفس .. ألا تنظرين إلي الآباء والأجداد من الأحباب والأولاد من عاشوا معنا في رمضان الماضي أين ذهبوا؟ كيف اختطفهم هاذم اللذات؟ ومفارق الجماعات آخذ البنين والبنات , أسكتهم فما نطقوا, أرداهم فما تكلموا , والله لقد وسدوا التراب وفارقوا الأحباب , وابتعدوا عن الأصحاب, كأنهم ما ضحكوا مع من ضحك , وما أكلوا مع من أكل, ولا شربوا مع من شرب, اختلفت علي وجوهم الدود, وضاقت عليهم ظلمة اللحود ,وفارقوا كل مرغوب ومطلوب ,وما بقيت معهم إلا الأعمال فهل تذكر أحد منكم ذلكم القدوم؟ وهل أعد أحد منكم لذلك المصير؟ويحك يا نفس !!.. كأنك لا تؤمنين بيوم الحساب !!ويحك يا نفس .. أما تخافين من سوء الخاتمة ؟ ويحك يا نفس أما تخافين من عذاب القبر وأيامه ؟ أما تخافين من سكرات الموت وآلامه ؟ أما تخافين من الحساب ودقته؟ .. أما تخافين من الصراط وحدته ؟أما تخافين من النار والأغلال والأهوال ؟أما تخافين أن تحجبي عن النظر إلى وجه الكبير المتعال ؟ ويحك يا نفس .. اعملي قبل أن لا تعملي !!!وحاسبي قبل أن تحاسبي !!!
يا نفس لا تتكبري *** فسيأتى يومًا وترحلي
إن طال أو قصر الزمان *** فعلى الأعناق ستحملي
ستزوري بيت الدود حتما *** وفى التراب ستدفني
يا نفس عودي للهدى *** وتفكري وتعقل
وبهدي محمد اقتدي *** ولله وحده فانحني
الله غافر كل ذنب *** ومن رحمته لا تسأمي
يا نفس قد أزف الرحيل فبالصالحات تجملي
يا نفس لا تتكبري *** العمر فان فافهمي
يا نفس قد أزف الرحيل *** وأظلك الخطب الجليل
فتأهبى يا نفسى لا *** يلعب بكى الأمد الطويل
فلتنزلن بمنزل ينسى *** الخليل به الخليل
وليركبن عليك من *** الثرى ثقلا تقيل قرن الفناء بنا جميعا *** فما بقى العزيز ولا الذليل
أيها السادة : رمضان شهر الانتصار على النفس والهوى شهر الانتصار على البخل والشح وهذا كله من مقاصد الصيام ، لذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان في رمضان كالريح المرسلة.لا يمسك شيء.
رمضان شهر الانتصار على الكسل والخمول الذي استعاذ منه النبي المختار صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل). متفق عليه
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، و يا باغي الشر أقصر) (متفق عليه) فدعك من الكسل والخمول فالأيام معدودة والأنفاس محسوبة
قال ابن رجب – رحمه الله-: “وكيف لا يُبشّر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟ وكيف لا يُبشّر المذنب بغلق أبواب النيران؟ وكيف لا يُبشّر العاقل، بوقت يُغلّ فيه الشيطان، من أين يُشبِهُ هذا الزمانَ زمانٌ ؟
رمضان شهر الانتصار على الرياء : رمضان شهر الإخلاص بلا منازع، فإنك تستطيع أن تأكل وتشرب ولا يراك الناس لكنك تراقب رب الناس ,فامتناعك عن الطعام والشراب والشهوات استجابة لأمر الله جل وعلا هذا عين الإخلاص، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: ((يقول الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي)) متفق عليه.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) متفق عليه ((من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه)) ((من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) الله الله في رمضان ونفحاته .
ثالثًا :أعظم انتصار (الانتصار على الشيطان )
أيها السادة : رمضان شهر الانتصار على الشيطان وكيف لا ؟ فالشيطان يجري مجرى الدم في العروق فضيقوا مجاريه بالجوع أي بالصيام قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم) فالشيطان يغوي الإنسان بالشهوات والشهوات تقوى بالأكل والشراب فإذا صام المسلم ضاقت مجاري الشياطين ,لذا من مقاصد الصيام الانتصار على الشيطان.
أيها السادة : الشيطان هو العدو الأساسي و الحقيقي لنا, لا فلان ولا فلان ,ولا العائلة الفلانية والعائلة الفلانية ,فالشيطان لا يدعك ترتاح منه ولو لحظة, ولم لا والنبي المختار r بين أن مع كل إنسان منا شيطان, فانتبه فمع كل إنسان شيطان حتى النبي المختار r كما في حديث عائشة رضي الله عنها كما في صحيح مسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلًا قَالَتْ فَغِرْتُ عَلَيْهِ فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ: ” مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ ؟”فَقُلْتُ: وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ؟“ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟ قَالَ:” نَعَمْ” قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ :“نَعَمْ“ قُلْتُ: وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:” نَعَمْ ،وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ“ (رواه مسلم)
فالشيطان لا يدعك ترتاح منه ولو لحظة ,حتى وأنت علي فراش الموت ,يقول لك: مت علي اليهودية فهي خير الأديان، مت علي النصرانية فهي خير الأديان، وهنا من يريد الله له الزيغ أزاغه( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ) .
ومن يرد الله له الثبات جاءت إليه ملائكة بيض الوجوه يقول هؤلاء هم أعدائك من الشياطين , ولكن مت علي الشريعة المحمدية فهي خير الأديان, وهنا يعلو صوت الحق تبارك وتعالي وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } (سورة أل عمران :8)
فاحذر عداوة الشيطان؛ لأن له أهداف :منها إيقاع الناس في العداوة والبغضاء قال ربنا: ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ ) [سورة المائدة: 91 ] وصدق النبي المختارr إذ يقول كما في حديث جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:“ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ “ (رواه مسلم ) والتحريش بينهم يكون بالخصومات والفتن والبغضاء والشحناء فانتبه حتى لا تقع في دائرة من دوائر الشيطان وأنت لا تدري .
ومن أهدافه: الضلال البعيد للإنسان ( وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا (60) سورة النساء ومن أهدافه: الحزن لك في الدنيا والآخرة (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } (سورة المجادلة :10)
بل من أهدافه الكبرى أنه يريد الإنسان في عذاب السعير { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } (سورة فاطر :6) احذر عداوة الشيطان فتبرأ من الشيطان الآن , قبل أن يتبرأ منك يوم القيامة , يوم يقف علي منبر من نار ويقول خطبته الشهيرة : { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (سورة إبراهيم:22)
إني ابتليت بأربع ما *** سلطوا إلا لشقوتي وعنائي
إبليس والنفس والدنيا *** والهوى فكيف الخلاص وكلهم أعدائي
كيف تنتصر علي الشيطان؟ أرجئ الحديث عن الجواب إلى ما بعد جلسة الاستراحة أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله ولا حمد إلا له وبسم الله ولا يستعان إلا به وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعد
كيف تنتصر علي الشيطان ؟
أيها السادة : سؤال خطير يدور في عقل كل إنسان منا , بل قد يعيش الإنسان في حياته يسأل نفسه ويسأل الآخرين, كيف أتغلب علي الشيطان؟ وكيف أنتصر علي هذا العدو؟
أخي هناك طرق كثيرة لتنتصر علي الشيطان لا يتسع الوقت لذكرها:
منها: اعلم يقينًا أن كيدَ الشطان ضعيفٌ, فلقد عظم الله كيد النساء ,في الوقت الذي حقر كيد الشطان فقال ربنا: ( قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ }(سورة يوسف :28) وقال في حق الشيطان ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا } (سورة النساء :76)
بالله عليكم أسمعتم عن رجل من أمة النبي العدنان r يفر ويهرب منه الشيطان !!
أنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كان عند النبي نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ يرفع أصواتهن علي النبي المختار r فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قُمْنَ فَبَادَرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ “فَقَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَ نَعَمْ أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِيهًا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ ) رواه البخاري
الله أكبر رجل من أمة النبي العدنان يفر ويهرب منه الشيطان, حقا إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا الانتصار على الشيطان بالاستعاذة بالله قال ربنا: { وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) (سورة الأعراف ) ومن أجمل ما قاله الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه القيم تلبيس إبليس قال: حكي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه : ما تصنع بالشيطان إذا سول لك الخطايا ؟ قال التلميذ : أجاهده . قال الشيخ : فإن عاد؟! قال : أجاهده . قال الشيخ : فإن عاد؟! قال : أجاهده . فقال الشيخ : هذا يطول يا بني ولكن إن مررت بغنم فنبحك كلبها أو منعك من العبور فماذا تصنع ؟قال : أجاهده قال : يا بني هذا أمر يطول ، استعن برب الغنم يكفك كلابه .فاستعن بالله أيها الحبيب والجأ إليه فهذا هو الحصن الحصين
بل الانتصار على الشيطان بالمداومة علي ذكر الله :فالذكر من أقوي الأسلحة لتدمير الشيطان ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ )[سورة الزخرف: 36] قال ربنا : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا ) [الأعراف: 201]، فلا تترك ذكر الله بحال من الأحوال وعندما تدخل بيتك عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “ إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ “(رواه مسلم )
وعند الخروج من بيتك: اذكر الله فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ قَالَ يَعْنِي إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ يُقَالُ لَهُ كُفِيتَ وَوُقِيتَ وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ ) وفي رواية ا بن ماجه: ( فَيَلْقَاهُ قَرِينَاهُ فَيَقُولَانِ مَاذَا تُرِيدَانِ مِنْ رَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ ) رواه ابن ماجه وأبو داود
بل عندما تريد أن تأتي أهلك فقل فعنْ ابْنِ عَبَّاسٍ يَبْلُغُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرُّهُ ) متفق عليه
بل من وسائل الانتصار علي الشيطان: قراءة القرآن, وقراءة المعوذتين, وقل هو الله أحد, وسورة البقرة وأية الكرسي . فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ اَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ [سورة الْبَقَرَةِ) رواه مسلم
وفي حديث أبي هريرة قال له الشيطان: ( إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ{ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }وَقَالَ لِي لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ) رواه البخاري
فلنجعل معاشر أيها السادة هذا الشهر شهر انتصار على هوى النفس وشهواتها، وعلى آفات اللسان وأمراض القلوب والرياء والبخل.لنجعله شهر انتصار على العجز والكسل والغفلة.لنجعله شهر انتصار على تسويف التوبة.
لنجعله شهر انتصار على الذنوب والمعاصي بكل أصنافها… شهر الانتصار على الشيطان
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز
إمام بوزارة الأوقاف
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف